3ـ عمل الخليل
رابطة شعراء المغرب :: إبداعات الأعضاء / الشعر العمودي :: إبداعات الأعضاء / شعر التفعيلة :: زاوية الدكتور عمر خلوف
صفحة 1 من اصل 1
3ـ عمل الخليل
#مقدمة_في_علم_العروض
3- عمل الخليل...
لقد تأمّل الخليل بن أحمد الفراهيدي –رحمه الله- الشعرَ العربي، فرآه جميعَه، وبكلّ أشكاله وتجلّياته، مؤلَّفاً من كلمات اللغة وحروفِها، شأنه في ذلك شأن النثر. لكنّه يختلف عنه باحتوائه على إيقاعٍ خفيّ، نشعر به ولا نراه، ونحسّ به ولا نلمسه! يستتر خلف الكلمات، ويتوارى خلف المعاني، يميّز الشعرَ عن النثر.
فالإيقاعُ في الشعر شيءٌ آخَر غيرُ الكلام الشعري ذاته، يتكرر في كل شطر من شطور القصيدة الواحدة، على الرغم من اختلاف الكلمات من كل شطر.
وواضح –كما رأى، ونرى- أن كلمات الشعر ذاتها هي التي تحمل هذه الإيقاعات المختلفة، وتُبرِزُها للأسماع (أصواتُ حروفها) مجتمعة، شطراً بعد شطر.
ولذلك رأى أنّ تحليلَ كلمات البيت الشعري إلى (مكوناتها الصوتية الأولية)، لا بد أن يصلَ به إلى معرفة ماهيةِ الإيقاع الذي تحمله، وإلى معرفة سِرِّه الأول.
فلنتأمل، ولْنَتَمَثّل ماذا فعل؟
لقد نظر الخليلُ إلى كلمات البيت نظرة تجريدية، فغَضّ طرفه عن معانيها أولاً، وخصائصِها ثانياً، وعن صورِ الحروف المختلفة ثالثاً، وركّزَ نظرتَه على ما يَدُلُّ عليها من (الحركات والسكْنات).
(فالحركاتُ) كما هو معروف، هي التي تُبرِزُ أصواتَ الحروف للسمع، ولولاها لَبَقِيَتْ الحروفُ صامتة خرساء، لا أصواتَ لَها.
والحروفُ العربية، كما تعلمون، لا تخلو من أن تكون <متحركةً> (بالفتح أو الضمّ أو الكسر)، نحو: دال (دَعْ)، وقاف (قُلْ)، وميم (مِنْ)، أو <ساكنة>: أي عارية من الحركات الثلاث السابقة: كالعين من (دَعْ)، واللام من (قُلْ)، والنون من (مِنْ). بغض النظر عما يحمله كل حرف من شحنة تعبيرية، أو خصائص صوتية، كالجهر والهمس، والخفة والثقل، والصفير والتفشّي...الخ
ونظراً إلى أن (القيمة الإيقاعية) لهذه الحركات الثلاث متساوية، فلقد تعمّق الخليل في التجريد مسافةً أبعد من ذلك، فساوَى -من الناحية الإيقاعية- بين الحركات الثلاث جميعها، فرَمَزَ لها برمزٍ واحد، هو رَمْزُ الحركة (/)، ورَمَزَ للسواكن كلِّها برمز السكون (ه).
• وقد اعتبرَ الخليلُ (المدودَ) حروفاً (ساكنةً) دائماً، كألف (ذا)، وواو (ذو)، وياء (ذي)، وكانَ مُحقّاً في ذلك، لأنها تُعادِل من (الناحية الإيقاعية) الحرفَ الساكن.
فالمدُّ قَرارٌ لحركةٍ مجانسةٍ له تسبقه... والقرارُ يعني السكون!
.......
وبهذا أصبح من السهولة بمكان تجريدُ أيِّ كلمةٍ أو جملةٍ أو بيتِ شعر إلى مكوناته الأولية من المتحركات والسواكن، بمقابَلَةِ متحركاته برمز الحركة (/)، وسواكنه برمز السكون (ه).
فقول نازك الملائكة:
........ لِلْحُسْنِ فِيْ وَجْهِهَاْ رَقْرَقَهْ
يُساوي: /ه /ه / / ه /ه / /ه /ه / /ه
وقول علي محمود طه:
........ وَأَغْتَدِيْ مِنْ سَنَاْهُ نَشْوَاْنَاْ
يساوي: //ه //ه /ه / /ه / /ه /ه /ه
وقول ابن زيدون:
....... نَكَاْدُ حِيْنَ تُنَاْجِيْكُمْ ضَمَاْئِرُنَاْ
يساوي: //ه/ /ه / //ه /ه/ه //ه ///ه
وقول أحمد رامي:
....... إِلَىْ مِحْرَابِ أَفْكَارِيْ ** وَمَهْبِطِ وَحْيِ أشْعَاْرِيْ
يساوي://ه /ه /ه / /ه /ه /ه ** / /ه / / /ه / /ه /ه /ه
وقول ابن الأحنف:
...... أَيَاْ فَوْزُ لَوْ أبْصَرْتِنِيْ مَاْعَرَفْتِنِيْ**لِطُولِ شُجُونِيْ بَعْدَكُمْ وَشُحُوْبِيْ
يساوي://ه/ه/ /ه /ه /ه //ه /ه //ه //ه ** //ه / / /ه /ه /ه / /ه ///ه /ه
رابطة شعراء المغرب :: إبداعات الأعضاء / الشعر العمودي :: إبداعات الأعضاء / شعر التفعيلة :: زاوية الدكتور عمر خلوف
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى